فندق الصفا
وكان هذا هو محطتنا الأولى
دخلنا إليه
وبفضل الله كان معنا رئيس لجنة الإغاثه
وقابلنا مجموعه من الجرحى والعالقين
وتحدثنا إليهم
وهم يتحدثون وكأنهم يتعلقون بحبل من الماء لعله ينقذهم ويحنو عليهم
ويعيدهم إلى أرضهم
غزة أمان مائة بالمائة
كانت هذه إحدى العبارات التى فجرت نغمات ٍ من الجمال ِ فى أذنى
حين قال لى هذا الرجل
يابنى .. غزة الآن أمان مائة بالمائه
قلت له : هل غزة أمان هكذا دائما ً ؟
قال : لااااااااااااااا الأمان ُ ماجاء إلا عندما جاءت حماس
ثم قال : يابنى كان الشاب يدخل مسلحا ً إلى مدرسة البنات ويمسك بالفتاة ولا يستطيع أحد أن يكلمه
وكانت العائلات الكبيره تفرض سطوتها على العائلات الصغيره
وافترى تجار المخدرات
أما الآن
فغزة أمان مائة بالمائه
الآن تترك سيارتك بالشارع ولا خوف
تسير بالشارع ولا تخاف
الأمان يملأ غزه
الأطفال يمرحون فيها
ويهنئون فى شوارعها
فابتسمت فى نفسى
وقلت
حقا ً هذه هى عدالة الحق
الحمد لله مستوره
قال لى أحد الجرحى
يابنى أن أب لثلاثة عشر من الأبناء
أكبرهم فى أولى جامعه
وماكان عندى إلا سياره أعمل عليها
وبسبب مرضى بعتها
وصرفت ثمنها
وها أنا اليوم لا أعمل منذ 8 سنوات
ولكن
الحمد لله مستوره
مابنموت
ولا بنجوع
بنقول الحمد لله
مانتمنى إلا أن نعود إلى أهلنا
ونكون بينهم
الحصار قاتل
قال لى أحدهم
نعم غزه أمان مائة بالمائه
لكن
نحاصر فى قوتنا
فى أرزاقنا
حصار مادى صعب
حصار إقتصادى مميت
يا بنى العمال فى غزه ماأصبح لهم عيش
العمال فى غزه انتهى عملهم
ولا يعملون
ومعظم سكان غزه من العمال
فأين يذهبون
الجرحى على أرصفة الشوارع أيها الحكام
وهذا ما رأيته
رجل عجوز يجلس على الأرض
وقد التفت حول بطنه لفافات من الشاش والأربطه
ورأيت فى صدره علامات ٌ من الخياطه والعمليات الجراحيه
وبجواره شاب ٌ كالورده
لكنه يجلس على كرسى متحرك ويرفع قدمه المكسوره على خشبه مستقيمه
وبجوراهم حقائبهم
هذا فى الشارع
على الرصيف
سلمنا عليهم وسألناهم هل تحتاجون شئ
هل من شئ نستطيع أن نقدمه لكم
قالوا ننتظر أن نعود إلى أرضنا
ننتظر التنسيق لنعود
وحقا ً
لا أدرى أى تنسيق هذا
الذى يجعل الجريح يجلس على رصيف فى بلد ٍ مسلم
حسبنا الله ونعم الوكيل
فندق شاهين
وكانت هذه هى محطتنا الثانيه
دخلنا الفندق
وأول من قابنا هو الشيخ إبراهيم سعيد من غزه
وهو أحد العالقين
استقبلنا
قلت له نحن جئنا لنطمئن على أحوالكم
قال نعم تعالى أقولك أحوالنا إيه هيعملوا تانى أكثر ماهم عاملين
هو ده حالنا
تعالى يافلان
تعالى يافلان
وبدأ ينادى على الفلسطينيين فى الغرف
تعالوا احكوا له
قولوا له حالنا
ثم أخذنى من يدى
وأجلسنى بجواره
وقال لى يابنى هو ده حالنا
أنا مابعرف أدخل لغزه ومن سنتين مسافر بجده وماعارف اشوف ولادى
ومامعى إلا مصاريف تعلميهم ولو ظل الوضع هكذا
سوف تصرف على الفنادق وإلا أقعد بالشارع
وبدأ يشير بيده على الحضور
يقول
وهذا ضاعت حقائب هدايا العيد التى اشتراها لأولاده
وهذا ما رأى أولاده من سنين
وهذا ما بيعرف شئ عن أولاده
ثم نادى على إمرأه وقال لها تعالى احكى لهم حالنا
تعالى
وكان متحمسا ً جدا
كما قلت لكم فهم يتعلقون بأى شئ
حتى ولو كان خيطا ً من ماء
بكاء ٌ فجَّر قلبى وأدمانى
جاءت الأم التى نادى عليها الحاج ابراهيم سعيد
جاءت وتوجهت إلى ََّ ووقفت بجوارى
وقالت : حرام عليــــــكم ( بيرضيكم هذا )
( ليش مانرجع لأهلنا )
يرضيك هذا يا ابنى
قلت لها : يا أمى والله احنا مش اللى منعناكم
احنا اللى بنحاول نساعدكم
ونحاول نشوف طلباتكم
قدر المستطاع
فانفجرت بالبكاء وقالت
( هو العيد بنفع من غير أهل يابنى )
( الإبن بده أمه عشان يعيد معها )
( والأم ماتعرف عيد بغير ولادها )
( كيف يكون هذا عيد )
( واحنا هنا من قبل العيد مابنعرف شئ عنا ولا بنعرف امته ندخل لأهلنا )
قلت لها : بالله عليكى ماتبكى
بالله عليكى أنا لا أتحمل الدموع
بالله عليكى لا تبكى
ثم قلت لها : يعنى ألسنا أولادك ِ هنا
إن شاء الله تعودى إلى غزه
وتذكرى كلامى حين نتقابل معا ً فى محراب الأقصى يوم التحرير
فابتسمت وسط الدموع وكان هذا مما أدهشنى وأدهش الحضور
فقمت وقبلت ُ رأسها
وقلت لها نحن أبناؤك ِ هنا
وإن شاء الله كلها يوم أو اثنين وتكونى فى غزه
يرضيك ابنى يقول لى كفايه عليك الفلوس ومش مهم إحنا
كانت هذه إحدى العبارات التى سمعتها
أحد الآباء قالى لى
يابنى
يعنى يرضيك ويفرحك
إن إبنى يكلمنى ويقول لى
إنت بتشتغل فى الإمارات
خليك فيها
ومش مهم احنا
كفايه عليك الفلوس
طبعا الأب لايستطيع الدخول والإبن يشتاق لأبيه فقال له هذه الكلمات من حرقة الإشتياق
هذا أب كان يعمل فى الإمارات وعاد ليقضى العيد مع أهله
وحتى يوم لقائى به لم يرى أبناؤه
الحاج إبراهيم سعيد
وقبل أن ننصرف ونتركهم
ووسط بكاء الأم التى جلست بجوارى
قال لى الحاج إبراهيم
يابنى احكى للناس عرفهم حالنا
عرفهم حكايتنا
يعنى يرضيك بكاء المرأه هذا
طيب احنا رجال وبنتحمل
لكن المرأه إيه ذنبها
يابنى
أقولك شئ
قول لهم
يعدوا الحريم
يعدوا الحريم
يعدوا الحريم
قالها وارتفع صوته
مش مهم احنا
احنا رجال ونتحمل
لكن الحريم لأ
قل لهم يفتحوا لهم يدخلوا لأهلهم
وداع
وبعد هذا الكلام الذى أدمى القلب
وبكاء الأم الذى لا أنساه حتى الآن
أخذت الإذن لأرحل
وكانت هذه من أجمل اللحظات
حين ابتسم الحاج ابراهيم
وأخذنى فى أحضانه
فقلت له إن شاء الله ترجعوا قريبا
ثم اتجهت إلى الأم وقبلت ُ رأسها
وبشرتها وطمأنتها
وسلمت على الجميع
ثم خرجنا من الفندق
فى هذه اللحظات
هم يصدقون أى كلمه
لو قلت لهم غدا ً ترجعوا غزه
بيصدقوا
بيتعلقوا بأى شئ
حسام .. جزاك الله ُ خيرا
أخى حسام أحد الشباب النادر
شاب
لكنه رئيس لجنة الإغاثه
جلست معه
وتجولت معه
وكان له الفضل بعد الله سبحانه فى دخولنا ومقابلاتنا مع الجرحى والعالقين
فجزاك الله خيرا
ليلة ٌ لا أنساها
بعد أن انتهت جولتنا بين الجرحى والعالقين
ذهبت أنا وأخى محمد الذى استقبلنى فى بيته
ذهبنا فى جوله فى العريش
وانتهت الجوله
أن التقينا بأخى (..... ) من جباليا ومقيم بالعريش
ثم ذهبنا نحن الثلاثه إلى شاطئ البحر
وجلسنا نحن الثلاثه
نستمع إلى صوت الموج فى ظلمة الليل وضوء النجوم وجمال السحاب
وتحدثنا كثيرا عن غزه وعن الحصار
وتحدثنا أكثر عن أمور شخصيه لى ولهم
فما أجمل المكان
وما أجمل الأشخاص الذين أجلس ُ معهم
وأجمل ما أعجبنى
لغته الفلسطينيه التى تنساب ُ فى جمال
وحقا ً
أقول لأخى من جباليا
إنى أحبك فى الله
ثم انطلقنا وتفرقنا
وذهبت أنا وأخى محمد لنبيت ليلتنا فى بيت من أكثر البيوت التى أحببتها
بيت أخى محمد
وفى الصباح ودعت أخى محمد فى موقف الأتوبيس
وبدأت ُ رحلة العوده من العريش إلى الإسماعيليه ثم إلى المنصوره
لن تهنأ ياابن فتح
لو كان يعلم أننى من الإخوان ماتحدث ولا تكلم
ركبت الأتوبيس من العريش إلى الإسماعيليه
والحمد لله كان الأتوبيس خاويا ً على عرشه
لم يكن فيه ركاب إلا ثلاثه
أنا ورجل وامرأه عجوز تجلس بجواره
وجدت الرجل يقلب فى الباسبور الشخصى له
ووجدت الموطن مكتوب ( غزه )
قلت له : حضرتك فلسطينى
قال : نعم
قلت له : وإيه الوضع هناك ؟
قال : يا أخى حماس خربت ودمرت
حماس بتدبح شعبها مقابل إنها ترضى إسرائيل
قلت ُ فى نفسى :آاااااااااه شكل الطريق باين من أوله
فرصه ثمينه
طبعا الطريق كل شويه كمين
وأنا كنت أتمنى أن أسمع وجهة نظر الأغبياء
وشاء الله أن يجلس بجوارى أحدهم
فتكلمت معه على أننى جاهل بالوضع الفلسطينى
ولا أعلم شئ إلا من الإعلام وفقط
وتركت له المجال ليكذب أو بالمعنى الأصح ( سيبته يسرح بيا )
وبدأت المعركه
قلت له : ليه حماس بتحارب الشعب ؟
قال لى : حماس مابدها حد يحكم غيرها
بدها تاخد كل شئ
باسم إنها تجاهد وهى أول عميل إسرائيلى
قلت له : طيب وصورايخ حماس التى يعلن عنها الإعلام كل يوم ؟
قال لى : مافى صواريخ
مافى شئ
لو حد ضرب صاروخ يقتلوه
وحماس أول من يعمل لحساب اليهود
قلت له : طيب كيف هذا والياسين والرنتيسى وغيرهم كل هؤلاء اغتالتهم اليهود ؟
طبعا أنا أحاول أن أفحمه ولكن أسأل وتبدو على وجهى ملامح الجهل لكى يتكلم ويخرج مابداخله
قال : الياسين والرنتيسى كانوا بيناضلوا لكن ماعرفوا يربوا بعدهم إللى يناضل مثلهم وجاء بعدهم خونه
فن الكذب والإفتراء
قلت له كيف ومعظم الشهداء من حماس ، طيب الزهار ابنه مات شهيد قريبا ً ؟
قال لى : الزهار هذا مابيعرف شئ
أما حكاية ابنه
فأنا أحكيها لك
ابنه دى بئى خرج بسيارته علشان يتنمنظر على الشباب فى أحد المواقع
خرج يقول لهم انا ابن الزهار
ويفرد صدره عليهم
فجه قصف للموقع
فمات فيه
حماس قالت شهيد وكذا وكذا
واليهود أساسا ً اعتذروا للزهار إنهم ماقصدوش ابنه
قلت فى نفسى : حسبنا الله ونعم الوكيل
ماهذا الحقد والتكالب على حماس
ماهذا الشئ الذى يجلس بجوارى ؟
وظهرت الإجابه
لقيته بيقول لى
يا أخى : أنا كنت مسجون عند حماس
لأنى من السلطه تبع أبو مازن
قلت فى نفسى : الله أكبر قووووووووووووول وهسمعك واحكى مش همنعك
ايه ده بئى أنا قاعد مع خاين رسمى
قلت له : حماس حبستك ليه ؟
قال لى : لأنى بقول الحق وبناضل وماعاجبنى حالها وكل شخص مش عاجبه حالهم يا يحبسوه يا يقلتوه يا يضربوا رجله ويقطعوها
رصاصة ٌ من الخلف
وبصراحه أحببت أن أنقل له صورة دون أن أعلن هويتى
قلت له : أنا فى الحقيقه لا أعلم شئ عنكم وعن الوضع الداخلى ولكن هقولك حاجه
الشعب المصرى منقسم إلى قسمين
الأول : يقولون أن حماس على رأسنا وأنها هى التى تجاهد وتدافع ، وأن فتح أصل الخيانه وكلها خونه وأن أبو مازن والدحلان رأس الخيانه .. الكثير يقول هذا ( وأنا منهم بس فى سركم )
والثانى : لايعرف فتح ولاحماس ولكن يقولون أنا أبحث عن لقمة عيشى وكفى
طبعا ً هو ظن إن القسم الثانى هيكون بيحب فتح
لكن طبعا مش هريحه أبدا ً
يعنى قلت له ان الشعب المصرى قسم بيعرف حماس وبيساندها والقسم الثانى لا يعرف فتح .. يعنى فتح غير موجوده أصلا ً
عصير فتحاوى
وقفنا فى كافتيريا استراحه
وفوجئت إنه اشترى لى معاه عصير
وصمم إنى أشربه
حاولت الرفض كثيرا
لكن لم يكن هنا بد من شربه
فشربته وأمرى إلى الله
ثمن العصير
وقلت فى نفسى لازم أعمل بثمن العصير
فسألته
قلت له : أنا شاهدت فيديو مقتل سميح المدهون اللى مات بسبب خيانته وأعماله ؟
فقال لى :
القائد سميح المدهون
المناضل
البطل
الحافظ لكتاب الله
قال لى : حماس قتلته لأن اليهود أرادوا هذا
يقتلون أبناء شعبهم من أجل اليهود
قلت له : طيب والدحلان فين دلوقتى ؟
قال لى : فى مصر
قلت له : له صوره وكأس الخمر يلمع فى يده ؟
قال لى : هذا تلفيق
محمد الدحلان مناضل ومجاهد وكان معتقل بسجون الاحتلال والشعب بيعشق محمد دحلان
قلت فى نفسى : لابد أن أبحث فى قاموس اللغة عن معنى كلمة مناضل فعلها تساوى فى بعض تصاريفها كلمة عربيد
والله رجل عجيب كل عربيد يسميه مناضل
حتى القادم اللى هسأله عنه دلوقتى
قلت له : طيب ليه أبو مازن بيقابل اليهود وشغال أحضان بإتقان ؟
قال لى : أبو مازن هذا مناضل
هههههههههههه
قلت نعم
قال لى : أبو مازن بيقابل وبيحضن وبيفاوض لكن لا يتنازل أبدا ً
أما حماس فهى لا تهادن ولكنها تعمل مع اليهود من تحت لتحت
ههههههههههه
مين الأحسن ؟ إللى بيقف أمام الناس ويفاوض ولا إللى يخون من ورى الناس وأمام الناس مجاهد وشريف ونبى
قلت فى نفسى : والله لولا أنى فى طريق العوده ، وأخشى أن أعلن عن هويتى فتكون أنت أول من يقول للكمين خذوه لحدثتك باللغة التى تليق معك
وبعد ذلك : رأيته يمدح فى عبد الناصر ويسب الإخوان ويقول أن عبد الناصر هذا المناااااااااااااضل حماس تقول عنه إنه كان يعذب الإخوان مثل ما الإخوان فى مصر يقولون أن أبو مازن خائن
قال لى : يابنى .. الإخوان وحماس ما بدهم غير الحكم والسلطه علشان يخلوا الناس تابعين لليهود وحماس ما بينصرها غير إيران وفضل يسب ويتكلم وأنا أغلى
لكن طبعا كل شويه كنت بعطيه كلمه تعصبه
وكان هو كل شويه وهو بيتكلم
يقول
والله أنا مابعرف انت شو هويتك
وأنا أسمعه ولسان حالى يقول
( اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث )
لكن الحمد لله لم اعلن له عن هويتى
وتركته يخرج كل أكاذيبه
إلى أن وصلنا إلى الإسماعيليه
نزلت من الأتوبيس
ولسانى حالى يقول
غفرانك
بالله عليكم هل هذا مناضل
هل هذا منااااااااااااااااااااااااضل
والله إنه لعربيد ٌ متخاذل
وجبان